وضع داكن
18-07-2024
Logo
دروس جامع التقوى - الجزء الثاني : الدرس 017 - أهم وصايا لقمان لابنه- الحكمة والشكر وعدم الشرك.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

النتاج العقلي والشعوري للبشرية علم وفلسفة وفن :

 أيها الأخوة الكرام؛ موضوع دقيق أريد أن يكون واضحاً لديكم لأنه متعلق بمصير الإنسان.
 أيها الأخوة الكرام؛ النتاج العقلي والشعوري، عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب، وغذاء الجسم الطعام والشراب، فإذا غذى عقله بالعلم، وقلبه بالحب، وجسمه بالطعام والشراب تفوق، صار الإنسان الأول، والمخلوق الأول، فإذا اكتفى بواحدة غذى عقله، ولم يغذِّ قلبه، غذى قلبه ولم يغذِّ عقله، غذى جسمه ولم يغذِّ قلبه وعقله، تطرف، وفرق كبير بين التفوق وبين التطرف.
لذلك؛ النتاج العقلي والشعوري للبشرية علم، وفلسفة، وفن، النتاج العقلي للبشر، من آدم إلى يوم القيامة، العقلي والشعوري؛ العواطف، والمشاعر، والأحاسيس، والمادي؛ الجسم، هذه المشاعر تندرج في ثلاث كليات كبرى، علم، وفلسفة، وفن.
 العلم ما هو واقع، ما هو موجود، والفلسفة ما يجب أن يكون، العلم ما هو كائن، طاولة، لاقط، هاتف، منديل، العلم ما هو كائن، والفلسفة ما يجب أن يكون، الفلسفة أبواب كبيرة، ثلاثة أبواب، فلسفة الوجود؛ الإيمان بالله، أو الإلحاد، وفلسفة المبادئ والقيم.
 لذلك عندنا كلمة دقيقة اسمها: المصداقية، أي نسبة صحة هذا الكلام، نسبة مصداقية هذا الكلام، عندنا وهم، الوهم ثلاثون بالمئة، فلان متوهم، والشك خمسون بالمئة، والظن سبعون بالمئة، وغلبة الظن تسعون بالمئة، والقطع مئة بالمئة، المصداقية بين وهم، وبين شك، وبين ظن، وبين غلبة ظن، وبين قطع، هذا في العلوم، والفلسفة، والفنون، الفن ما هم ممتع، العلوم ما هو كائن، الفلسفة ما يجب أن يكون.
 لكن يوجد تعليق خطير جداً، إذا قرأت قصة، أو شعراً، أو أدباً، أو أي عمل فني وشعرت أنها حركت فيك المشاعر العليا، والتفكير المرتفع، فأنت أمام فن رفيع، فإذا لم تحرك إلا التافه من مشاعرك، والمبتذل من تفكيرك، فأنت أمام فن رخيص، والآن العالم اعتمد الفن الرخيص، هذا الفن يقضي على الأمم، يدمر الأمم، الغرب معه هذه، نحن نواجه القنبلة الذَّرية بقنبلة الذُّرية، بتربية الأولاد.

تمني كل إنسان السلامة والسعادة والاستمرار :

 كنت أقول مرة، وكنت في أمريكا، والقصة من عشرين سنة تقريباً، كنت أقول: لو بلغت منصباً ككلينتون- وقتها كان كلينتون حاكماً - وثروة كأوناسيس - أكبر غني بالعالم - وعلماً كأنشتاين، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، أي إنسان بالأرض ثمانية مليارات إنسان، أي إنسان في الأرض، من ثمانية مليارات، حريص على سلامته، من يحب المرض؟ ولا واحد، من يحب الفقر؟ ولا واحد، من يحب القهر؟ ولا واحد، من يحب الفقر؟ القهر؟ المرض؟ ولا واحد، من لا يتمنى أن يكون غنياً وسعيداً في بيته وأولاده أبرار؟ جميعاً، نحن جميعاً.
إذاً عندنا تمنيات بالسلامة، والسعادة، أما الثلاثة فمن لا يحب أن يعيش مئة وثلاثين سنة؟ شيخ الأزهر قديماً عاش مئة وثلاثين سنة، من لا يحب أن يعيش عمراً مديداً؟ كلنا، أنا أتكلم عن ثمانية مليارات الآن، ليس عن المسلمين، ثمانية مليارات، لا يوجد إنسان بالأرض من ثمانية مليارات- الآن أحدث إحصاء - إلا يتمنى السلامة، والسعادة، والاستمرار، السلامة باتباع تعليمات الصانع، أنت آلة معقدة جداً تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، ولهذه الآلة صانع عظيم، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، وانطلاقاً من حرصك على سلامتك، وسعادتك واستمرارك ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع.
 أنت ماشي بالطريق، لقيت لوحة كتب عليها: ممنوع التجاوز، حقل ألغام، بربكم جميعاً، هذه اللوحة وضعت حد لحريتك أم ضمان لسلامتك؟ في اللحظة التي تتيقن فيها أن كل أوامر الشرع هي ليست حداً لحريتك، ولكنها ضمان لسلامتك، فكل إنسان يتمنى السلامة، والسعادة، والاستمرار، هذه الثلاثة لا تتحقق إلا بطاعة الله عز وجل.

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

[ سورة النساء:69]

شكر الله على نعمة الإيجاد والإمداد والهدى والرشاد :

 لذلك في القرآن آيات محدودة جداً، يوجد آيات لقمان الحكيم، الله قال:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ﴾

[ سورة لقمان:12]

 آتينا، الحكمة لا تؤخذ، ولا تكون، لكنها تؤتى، كلام دقيق جداً، مهما كنت ذكياً، إن لم تكن مستقيماً ترتكب حماقة كبيرة، مهما كنت متبحراً بالعلم إن لم تكن مع الله ترتكب شيئاً يدمرك.

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ﴾

[ سورة لقمان:12]

 هناك سؤال دقيق: على ماذا؟ على نعم ثلاثة، على نعمة الإيجاد، كل واحد منكم له تاريخ ميلاد، أليس كذلك؟ لو وقع تحت يدك كتاب طُبع قبل أن تولد، أثناء طبع الكتاب أنت من؟ أنت لا شيء.

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ﴾

[ سورة الإنسان:1]

 أنا والله كلما قرأت كتاباً طُبع قبل ولادتي أقول: أنا في هذا التاريخ من أنا؟ لا شيء.

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ﴾

[ سورة الإنسان:1]

 إذاً:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ﴾

[ سورة لقمان:12]

على ماذا؟ على نعمة الإيجاد، الله أوجدك، ونعمة الإمداد، أمدك بأم وأب، أمدك بعقل درست، معك شهادة، أنت موظف.
 أذكر إنساناً يسكن ببيت يفوق حدّ الخيال، رفاه، وفخامة تفوق حدّ الخيال، أصيب بعاهة بعقله، أُخذ إلى مستشفى المجانين، هو الذي عمّر البيت، اختار الأثاث، اختار الثريات، اختار البلاط، كل شيء بالبيت من اختياره.
 أنا مرة بعمان دُعيت إلى عقد قران في البقعة، منطقة فقيرة جداً، البيت عبارة عن غرفتين، والغرفة خمسة أمتار بثلاثة أمتار، عقد قران متواضع جداً، ولحكمة بالغةٍ بالغة دُعيت إلى تعزية في عبدون، بيت عبدون شيء لا يصدق، أغلى أنواع الثريات، السجاد إيراني، البلاط إيطالي، أنا أتابع، أنا طوال التعزية: من اختار هذه الثريات؟ المرحوم، من اختار هذا البلاط؟ المرحوم، من اختار هذه التزيينات؟ المرحوم، أين المرحوم؟ تحت الأرض.

(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت ))

 والله الذي لا إله إلا هو ما وجدت على وجه الأرض إنساناً أعقل ممن يعمل لهذه الساعة التي لابد منها، تحت الأرض.

(( رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت ))

 إذاً:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ﴾

[ سورة لقمان:12]

 على نعمة الإيجاد، والإمداد، والهدى والرشاد، ثلاث نعم، أوجدك، وأمدك بأم وأب وصحة، بعقل، معك شهادة، تعينت، تزوجت، اشتريت بيتاً، اشتريت سيارة، والرشاد؛ علمك دينك، يوجد قرآن، وسنة، وجوامع، ودروس علم، نعمة الإيجاد والإمداد والهدى والرشاد.

﴿ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾

[ سورة لقمان:12]

 الله غني عنا.

﴿ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ ﴾

[ سورة إبراهيم:8]

 عنكم، ولكن من كماله اللامتناهي لا يرضى لعباده الكفر، ألا يكون الأب أحياناً غنياً جداً بمنصب رفيع جداً، بصحة جيدة جداً، وعنده ابن تاه عن الدرب الصحيح؟ يتألم ألماً لا حدود لأنه هو غني عن ابنه، ليس بحاجة لابنه إطلاقاً، لكن هذه رحمة الأب.

 

عقوق الوالدين من أكبر الكبائر :

 الله عز وجل جاء بك من أب وأم، هذان الشخصان فقط ممن حولك يتمنيان لك أن تكون أفضل منهما بكل شيء، بالمال، بالصحة، بكل شيء، اثنان فقط بحياتنا الأم والأب يتمنيان أن تكون فوقهما بكل شيء، الأخ يغار، الأخ يتألم، فقط الأب والأم، الله قال:

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾

[ سورة الإسراء:23]

 دقق:

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

[ سورة الإسراء:23]

 الواو ماذا تُعرب؟ حرف عطف، هذه بالنحو، بالبلاغة؛ حرف يفيد التماثل، هل لك أن تقول: اشتريت مزرعة وملعقة؟ لا يجتمعون معاً، مزرعة ومركبةً، مزرعة وسيارة فخمة جداً، الواو تفيد التماثل، الله عز وجل رفع بر الوالدين إلى مستوى عبادته، قال:

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

[ سورة الإسراء:23]

 وفي بعض الآثار:

(( ليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة))

 لذلك عقوق الوالدين من أكبر الكبائر.

 

الله غني عن عباده :

 إذاً:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾

[ سورة لقمان:12]

 لمصلحته.

﴿ وَمَنْ كَفَرَ ﴾

[ سورة لقمان:12]

 دقق:

﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾

[ سورة لقمان:12]

 هو غني عنا، ومع أنه غني عنا لا يعاملنا إلا عملاً يحمد عليه، ومع أنه غني عنا لكن لا يعاملنا كعباد إلا معاملةً نحمده عليها.

 

الحكمة أكبر عطاء إلهي على الإطلاق :

إذاً:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا ﴾

[ سورة لقمان:12]

 الحكمة لا تؤخذ، والحكمة لا تكون ولكنها تؤتى، أي أكبر عطاء إلهي على الإطلاق أن تؤتى الحكمة، أكبر عطاء إلهي، أكبر ثروة تملكها أنك حكيم.
 أنت بالحكمة تسعد بأية زوجة، من دون حكمة تشقى بزوجة من الدرجة الأولى، أنت بالحكمة تجعل العدو صديقاً، وبالحمق تجعل الصديق عدواً، أنت بالحكمة تتدبر أمرك بمال محدود، ومن دون حكمة تفقد المال الكثير.

 

اللذة و السعادة :

 أخواننا الكرام؛ لمحة سريعة، أحد أكبر أغنياء العالم، بيل غيتس يملك ثلاثة وتسعين مليار، وبعده جوبز، صاحب أبل، معه سبعمئة مليار، بيل غيتس على فراش الموت قال: هذا الرقم لا يعني عندي شيئاً.
 أول جسر أنشئ بين قارتين بين قارة آسيا وأوروبا اسطنبول، أول جسر، المصمم مهندس ياباني، أثناء افتتاح الجسر من حضر الافتتاح؟ رئيس الجمهورية، وإلى جانبه هذا المهندس الياباني، الذي صمم هذا الجسر، ألقى نفسه بالبوسفور، ونزل ميتاً، ذهبوا إلى غرفته بالفندق وجدوا ورقة، كتب عليها: ذقت كل شيء بالحياة، فلم أجد لها طعماً، أردت أن أذوق طعم الموت.
أما طالب علم صغير، عنده بيت عبارة عن ستين متراً، وزوجة صالحة فأسعد منه، طالب علم بسيط، وبيت.
 والله مرة دخلت لبيت بالشام، بالجادة العاشرة، أفقر جادة بدمشق، أعلى جادة، والبيت صغير، لا يوجد به بلاط، إسمنت، بساط متواضع جداً، أنا شعرت أن هذا البيت أسعد بيت، كأنه جنة والله، وأحياناً تدخل لبيوت بالملايين المملينة، لا يوجد بها سعادة أبداً، السعادة شيء آخر، اللذة شيء والسعادة شيء، اللذة تحتاج إلى مال، تحتاج إلى صحة، وإلى وقت، ولحكمةٍ بالغة بالغةٍ بالغة بالبدايات لا يوجد مال، يوجد صحة، ووقت، بالمنتصف يوجد مال، وصحة لكن لا يوجد وقت.
 قال لي صاحب معمل: والله ست وثلاثون سنة ما ذهبت نزهة إلا مرة إلى اللاذقية استلمت سيارتي فقط.
 الثالثة، يوجد مال، وصحة لكن لا يوجد وقت، دائماً تنقص واحدة، إلا السعادة لمجرد أن تنعقد صلتك بالله أنت أسعد إنسان، وإن لم تقل بعد أن عقدت مع الله صلحاً، تائباً، وسعادة: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني، إن لم تقل أيها المؤمن: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني، هناك مشكلة بإيمانك، أنت مع من؟ مع الإله العظيم، مع الخالق، مع الكريم، مع المحيي، مع المميت، مع الغني، مع المقتدر.
 إذا كان الله معك فمن عليك؟ من يجرؤ أن يكون عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ ويا ربي ماذا فقد من وجدك؟ وماذا وجد من فقدك؟
 فأنت أمام نعمة الإيجاد، والإمداد، والهدى والرشاد.

﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ ﴾

[ سورة لقمان:13]

الشرك نوعان؛ جلي و خفي :

 دقق:

﴿ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ﴾

[ سورة لقمان:13]

 الشرك نوعان، شرك جلي، وشرك خفي، الجلي ببعض البلاد يعبدون بوذا من دون الله، هذا شرك جلي، أما أن تعبد شهوتك.

﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾

[ سورة الفرقان:43]

 هذا شرك، هذا أخطر، النبي الكريم يقول:

(( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية. قلت: يا رسول الله أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: نعم، أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً ولكن يراؤون بأعمالهم. والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائماً فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه))

[أحمد عن شداد بن أوس]

 أخطر شيء تعاني منه الأمة اليوم ليس شركاً جلياً، ولكنه شرك خفي، هذا الشرك الخفي المتحكم الشهوة، وأعمال لغير الله.

 

الله تعالى بيده الأمر و الخلق :

 يوجد نقطة دقيقة جداً؛ الله عز وجل بآية دقيقة قال:

﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾

[ سورة الأعراف:54]

كل شيء بيد الله، كل شيء خلقه بيده، أما إذا دولة عظيمة صنعت طائرة وباعتها لدولة نامية، فالدولة النامية قصفت بها مدناً، وقرى، الطائرة صنع دولة، واستخدام دولة، فالبشر كلهم بيد الله.

﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾

[ سورة الأعراف:54]

 الله وحده:

﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾

[ سورة الأعراف:54]

 لذلك الكلمة دقيقة: لو أن عشرة وحوش كاسرة، وجائعة جداً، ومفترسة، هذه الوحوش الجائعة والمفترسة المخيفة مربوطة بأزمة بيد جهة عادلة، رحيمة، حكيمة، أنت أيها الإنسان علاقتك مع هذه الوحوش أم مع من يملكها؟ واضح كلامي؟ علاقتك مع الوحوش الجائعة الكاسرة المخيفة؟أما مع من يملكها؟ الجواب: مع من يملكها، اسمعوا القرآن:

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة هود: 55ـ 56]

 والله مرة رأيت نملة أقسم بالله، يمكن عرضها صفر، وطولها ربع الميلي، وصلت لحائط وقفت قبل أن تصطدم به، أنا عندي عينان، وستة أرجل، هذه النملة والله أقل من ربع ميلي طولها، وعرضها صفر، وقفت قبل الحائط، معنى هذا عندها عين، والحوت الأزرق يزن مئة وخمسين طناً، خمسون طناً لحماً، و خمسون طناً دهناً، وخمسون طناً عظماً، تسعون برميل زيت.

 

الله تعالى ينجي المؤمنين دائماً :

 اسمعوا الآية، نبي كريم التقمه الحوت، بفم الحوت يقف عشرة رجال واقفين:

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ـ 87]

 في ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة بطن الحوت، أن:

﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ـ 87]

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ـ 87]

 في ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت أن:

﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ـ 87]

 دقق:

﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ]

 دقق، الآن القصة قلبت إلى قانون:

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88]

 عندك مشكلة تفوق أن تجد نفسك في بطن حوت؟ مهما تكن المشكلة كبيرة ترتقي إلى أن تكون في بطن حوت؟

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ـ 87]

 قلبت إلى قانون:

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88]

خضوع الإنسان لقانون خطير هو إدراك انفعال سلوك :

 أخواننا الكرام؛ يوجد نقطة مهمة جداً، قانون خطير، أنت علاقتك مع من حولك، إدراك، انفعال، سلوك، قال لك شخص: على ظهرك عقرب شائلة، والعقرب سمها قاتل، فأنت بقيت هادئاً، مبتسماً، مرتاحاً، قلت له: أنا أشكرك على هذه الملاحظة، وأتمنى أن يمكنني الله أن أردها لك، فهم ما قلت له؟ ما دام بقي هادئاً، ومرتاحاً، ومبتسماً، وشكرك على هذه الملاحظة وتمنى أن تكافأ عليها، فهم ما قلت له؟ قطعاً لم يفهم شيئاً، لو فهم يقفز، ويخلع رداءه، فأنت أي شيء لم يتبعه انفعال ما فهمته، والانفعال إذا ما تبعه عمل ما انفعلت كذاب، إدراك، انفعال سلوك، تمشي ببستان رأيت أفعى، أول شيء إدراك، لسعته قاتلة، عنده سم يميع الدم فوراً، بساعة يكون الإنسان ميتاً، ثعبان أدركته، انفعلت هربت، أو قتلته فرضاً، وأي شيء تسمعه إذا ما انفعلت ما فهمته، وإذا ما تحركت ما انفعلت، إدراك، انفعال، سلوك.
 الله عز وجل قال:

﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾

[ سورة لقمان: 13]

فضل الله على الإنسان فضل عظيم :

 بالمناسبة؛ جاء العيد وزرت أختك بالعيد، ابن أختك الصغير قال لك: خالي أنا معي مبلغ عظيم، كلمة عظيم من طفل، كم تعني؟ مئة دينار، له خالان وعمه، هو رأى هذا المبلغ عظيماً إذا مسؤول بالبنتاغون قال: أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً، أي مئتا مليار، نفس الكلمة قالها طفل، قدرتها بعشرين ديناراً، وقالها مسؤول كبير بالبنتاغون، قدرتها بمئتي مليار، وإذا الله قال، خالق الأكوان قال:

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾

[ سورة النساء: 113]

 هذه تكفي؟ إله، خالق الأكوان، يوجد مئات مليارات المجرات، ودرب التبابنة، مجرتنا المجموعة الشمسية كلها نقطة، المجموعة الشمسية كلها نقطة على درب التبابنة، والله خلق مئات ألوف المجرات، قال لك:

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾

[ سورة النساء: 113]

 كلمة عظيم متعلقة بقائلها، الطفل مئتا دينار، المسئول الكبير بالبنتاغون مئتا مليار، خالق الأكوان:

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾

[ سورة النساء: 113]

التوبة النصوح توبةٌ يرافقها ندم وإقلاع وعزيمة :

 لذلك يا إخوان؛ نحن أحياء، أكبر نعمة الآن تملكها أنك حي، أنك حي ترزق لأنك تستطيع أن تتوب إلى الله.
لي قريب عنده محل حلويات بالشام، دخل لعنده شخص، ألقى عشر ليرات ومشى، استغرب! كان الدولار بثلاث ليرات سورية، لحقه الصانع، قالوا له: ما هذه؟ لم يجد، عندما أحرجه قال له: والله أنا أكلت قطعة من الكاتو من عشر سنوات، كان ثمنها عشرة قروش، أردت أن أُبرئ ذمتي، مادمت أنت حي ترزق كله يصحح، إن كان عندك أخطاء قديمة صححها، مادمت حياً ترزق.
 أخواننا الكرام؛ قضية خطيرة، قضية مصير، متى تعرفها هي لا سمح الله ولا قدر؟ عند الموت.

(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت ))

 الإنسان مادام القلب ينبض فليتب إلى الله، والتوبة النصوح توبةٌ يرافقها ندم، وإقلاع، وعزيمة، ندم على ما فعلت، إقلاع فوري عن الذنب، ثم عقد عزيمة قاطعة ألا تعود لهذا الذنب. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور